اليوم العالمي للقضاء على الفقر، الذي يُصادف 17 أكتوبر من كل عام، يشكل فرصةً لرفع الوعي حول معاناة الفقراء وتسليط الضوء على جهود المجتمع الدولي لمعالجة هذه القضية الملحة. وفي قطر الأحواز، تبدو معاناة الفقر أكثر وضوحاً؛ فهي أرض غنية بمواردها الطبيعية كالنفط والغاز، ورغم ذلك يعيش معظم سكانها تحت خط الفقر. وقد أشارت تقارير عديدة للأمم المتحدة إلى الأحواز بوصفها “أغنى أرض بأفقر شعب”، في إشارة إلى التناقض العميق بين ثرواتها الطبيعية وحياة سكانها الصعبة.
يعود انتشار الفقر في الأحواز إلى عوامل عديدة، أبرزها الفساد الحكومي وسوء إدارة الموارد. ففي الوقت الذي تُستخرج فيه كميات هائلة من النفط والغاز من أراضي الأحواز، تُستغل هذه الثروات لصالح مشاريع لا تعود بالنفع على الشعب الأحوازي، بل تصب في مصلحة النظام وأهدافه السياسية. كذلك يواجه الشباب الأحوازي سياسات تمييزية تمنعهم من الحصول على فرص عمل متساوية، إذ يتم تفضيل توظيف غير العرب في الشركات الكبرى والمشاريع المحلية، ما يزيد من معدلات البطالة بين الأحوازيين ويعمق الفقر في المنطقة.
إضافةً إلى ذلك، يعاني القطاع الزراعي في الأحواز من سياسات ممنهجة تهدف إلى التضييق على المزارعين؛ حيث يتم تحويل مياه الأنهار وتجفيف الأراضي الزراعية، مما يهدد الأمن الغذائي لسكان المنطقة ويدفع الكثيرين منهم إلى الفقر بعد فقدان مصادر رزقهم. وتغيب أي جهود لدعم المشاريع الصغيرة أو توفير ضمان اجتماعي يُسهم في حماية الفئات الضعيفة من الانحدار نحو الفقر المدقع.
تتحمل السلطات الإيرانية مسؤولية مباشرة في هذا الوضع من خلال سياسات متعمدة تهدف إلى تفقير الشعب الأحوازي. إذ يتبنى النظام استراتيجية قمعية يسعى من خلالها إلى إلهاء الشعب بتأمين لقمة العيش اليومية، وبالتالي حرمانه من التفرغ لمطالبه الوطنية وتطلعاته للاستقلال. هذه السياسات التفقيرية تسهم في تثبيط عزيمة السكان وتعطيل إمكانياتهم من أجل ضمان استمرارية سيطرة النظام الديكتاتوري.
وتظهر مظاهر الفقر بوضوح في الأحواز؛ حيث ينتشر المتسولون، ويعمل الأطفال في بيع السلع البسيطة على أرصفة الشوارع، وتضطر النساء إلى افتراش الأرض لبيع منتجات بدائية لتأمين حاجات أسرهن. هذه المشاهد اليومية تعكس الحالة المعيشية الصعبة التي يواجهها سكان المنطقة في ظل غياب فرص العمل وضعف الدعم الاجتماعي، مما يدفع الفئات الأضعف والمهمشة إلى البحث عن أي وسيلة لكسب الرزق.
لكن من الواضح أن القضاء على الفقر في الأحواز يتطلب التخلص من هذا النظام الديكتاتوري الذي جاء ليحقق النهب والسرقة، وليتمكن الشعب الأحوازي من استعادة حقوقه والاستفادة من ثرواته. إن تحقيق حياة كريمة وتنمية حقيقية لن يتحقق من خلال سلطات احتلال، بل يتطلب تمكين الشعب الأحوازي من تقرير مصيره والنضال من أجل استقلاله، ليتمكن من بناء مستقبله وتنمية موارده بما يضمن له الحياة الكريمة.